فوائد المرامية للحامل

فوائد المرامية للحامل

تُعدّ المرامية أو السالمية (Salvia officinalis) واحدة من النباتات العطرية الطبية الأكثر شهرة في الطب الشعبي منذ العصور القديمة، وتُستخدم على نطاق واسع في علاج العديد من المشكلات الصحية، لا سيما اضطرابات الجهاز الهضمي والدورة الشهرية ومشاكل الهرمونات الأنثوية. تنتمي المرامية إلى فصيلة النعناعيات، وتتميّز بخصائصها المضادة للالتهابات والبكتيريا، إلى جانب احتوائها على مركبات نباتية فعالة مثل الفلافونويدات والزيوت الطيارة والتانينات، مما يمنحها فعالية كبيرة في التوازن الهرموني والصحة العامة.

عند الحديث عن الحمل، تصبح الأمور أكثر دقة وحساسية، إذ يتعين الحذر عند تناول أي أعشاب أو مكملات غذائية بسبب التأثير المحتمل على الأم والجنين. وفي هذا السياق، تكتسب المرامية أهمية استثنائية، إذ أنّها رغم فوائدها المعروفة، فإنها تحمل أيضًا محاذير يجب مراعاتها، خصوصًا في فترات معينة من الحمل.

في هذا المقال الموسّع، نستعرض بشكل مفصّل فوائد المرامية للحامل، محاذير استخدامها، وآلية تأثير مركّباتها على جسم المرأة خلال الحمل، مع تقديم مرجعية علمية تعتمد على الأبحاث الحديثة والمصادر الموثوقة.

التركيب الكيميائي لنبتة المرامية

تحتوي المرامية على مجموعة واسعة من العناصر والمركبات الحيوية الفعالة، أبرزها:

فوائد المرامية للحامل في مراحل محددة

دعم التوازن الهرموني في مرحلة ما قبل الحمل

من أبرز استخدامات المرامية في الطب الشعبي هو تعزيز التوازن الهرموني لدى النساء، خصوصًا من يعانين من اضطرابات في الدورة الشهرية أو متلازمة تكيّس المبايض. تحتوي المرامية على مركبات تُشبه في تركيبها عمل هرمون الإستروجين، وهو ما يجعلها فعالة في تحفيز الإباضة وتنظيم الدورة.

وبالتالي، يمكن أن تكون المرامية مفيدة للنساء اللاتي يخططن للحمل، عبر تحسين التوازن الهرموني وزيادة فرص التخصيب. ومع ذلك، يجب تجنّب استخدامها في حال تمّ تأكيد الحمل، وذلك لأسباب سنذكرها لاحقًا.

التخفيف من الغثيان واضطرابات الهضم في بداية الحمل

تعاني كثير من النساء الحوامل، خاصة في الثلث الأول من الحمل، من اضطرابات هضمية كالغثيان، القيء، الانتفاخ، والإمساك. وتُعرف المرامية بقدرتها على تهدئة الجهاز الهضمي بفضل احتوائها على التانينات والزيوت الطيّارة.

إذ تشير بعض الدراسات إلى أن تناول مشروب المرامية بكميات ضئيلة جدًا، وتحت إشراف طبي، قد يُساهم في تهدئة المعدة وتخفيف الغثيان دون التسبب في آثار جانبية. ومع ذلك، يجب التحذير من الإفراط في تناولها، خاصة خلال الأسابيع الأولى، نظرًا لاحتمالية تأثيرها الهرموني الذي قد يُحفّز انقباضات الرحم.

دورها في تقوية المناعة

يُعد الحمل فترة حساسة تكون فيها مناعة المرأة أقلّ من المعتاد، الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. تحتوي المرامية على خصائص مضادة للميكروبات والبكتيريا والفطريات، كما أنها غنية بمضادات الأكسدة مثل حمض الروزمارينيك.

تُساهم هذه المركبات في تعزيز الجهاز المناعي والتقليل من احتمالية الإصابة بنزلات البرد أو التهابات الحلق. استخدام المرامية كمضمضة للفم، على سبيل المثال، قد يكون آمنًا للحامل في حالات التهابات اللثة أو الفم، دون الحاجة لابتلاعها، مما يحدّ من خطر امتصاص المركبات النشطة في مجرى الدم.

المساهمة في تخفيف التهابات الجهاز التنفسي

المرامية تستخدم تقليديًا لعلاج نزلات البرد، التهاب الحلق، والبلغم، حيث تُعرف بخاصية مقشعة ومطهرة للجهاز التنفسي. أثناء الحمل، تُعد بدائل الأعشاب الآمنة خيارًا مرغوبًا لتجنّب تناول الأدوية.

يمكن استنشاق بخار المرامية أو استخدام مغليها كمضمضة لعلاج التهابات الحلق، بشرط عدم شربه أو تناوله داخليًا بدون استشارة طبية دقيقة.

المساهمة في تهدئة التوتر وتحسين المزاج

القلق والتوتر أمر شائع خلال فترة الحمل بسبب التغيرات الهرمونية والجسدية. وتُعرف المرامية بتأثيرها المهدئ على الجهاز العصبي، وقدرتها على خفض مستويات التوتر وتحسين النوم.

تشير بعض التجارب إلى أن استنشاق زيت المرامية أو استخدامها ضمن الزيوت العطرية للتدليك قد يُساعد الحامل على الاسترخاء دون تعريضها لأي خطر في حال عدم الابتلاع. استخدام الزيوت العطرية الموضعية يجب أن يكون بتخفيف شديد وتحت إشراف متخصص في العلاج العطري.

محاذير استخدام المرامية أثناء الحمل

رغم الفوائد المحتملة للمرامية، إلا أن هناك جملة من المحاذير التي تجعل من استخدامها خلال الحمل أمرًا حساسًا للغاية. هذه التحذيرات تستند إلى أبحاث علمية وتجارب سريرية:

• تأثيرها القوي على الرحم: تحتوي المرامية على مركبات تُحفز انقباضات الرحم مثل الثوجون، ما قد يؤدي إلى الإجهاض في حال استُهلكت بكميات كبيرة.

• تأثيرها الهرموني: المواد النباتية الشبيهة بالإستروجين في المرامية قد تُحدث اضطرابًا في التوازن الطبيعي للهرمونات خلال الحمل.

• الجرعات العالية سامة: تحتوي على الثوجون، وهو مركب سام للجهاز العصبي إذا تم استهلاكه بجرعات مرتفعة.

• تؤثر على ضغط الدم: قد تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم أو تذبذبه لدى النساء اللواتي يعانين من مشاكل في الضغط خلال الحمل.

توصيات استخدام المرامية خلال الحمل

كيفية استخدام المرامية بأمان للحامل

إذا تم استشارة الطبيب وأجاز الاستخدام الموضعي أو الخارجي للمرامية، فهذه بعض الطرق التي قد تكون آمنة:

• مضمضة فموية: تُستخدم لعلاج التهابات اللثة والقرح الفموية بمغلي المرامية، دون ابتلاعها.

• استنشاق بخار مغلي المرامية: لعلاج انسداد الأنف أو التهاب الجهاز التنفسي.

• استخدام زيت المرامية العطري في جلسات الاسترخاء: بكمية مخففة جدًا وبإشراف مختص.

الاستخدامات التي يجب تجنبها تمامًا

• تناول شاي المرامية بشكل يومي أو منتظم

• تناول كبسولات أو مستخلصات مركزة من المرامية

• استخدام زيت المرامية العطري داخليًا

• استخدام أي وصفات عشبية تحتوي على المرامية دون استشارة طبية

المرامية بعد الولادة والرضاعة

بعد الولادة، يمكن أن تُستخدم المرامية بحذر شديد للمساعدة في تقليل التوتر وتنظيم الهرمونات. ومع ذلك، يُعتقد أن المرامية تقلل من إنتاج الحليب، ولهذا لا يُنصح باستخدامها أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، خاصة لدى الأمهات اللواتي يعانين من نقص في إدرار الحليب.

الخلاصة

المرامية نبتة طبية فعالة لها تاريخ طويل من الاستخدام في علاج مشاكل النساء تحديدًا، خاصة تلك المرتبطة بالدورة الشهرية والهرمونات. إلا أن استخدامها أثناء الحمل يجب أن يتم بحذر شديد، وتحت إشراف طبي متخصص، نظرًا لتأثيرها الهرموني وانقباضها للرحم، ما قد يشكل خطرًا على استقرار الحمل في مراحله الأولى والأخيرة.

الاستخدام الخارجي أو الموضعي للمرامية قد يكون بديلاً آمناً في حالات معينة مثل التهاب الفم أو صعوبة التنفس، لكن يبقى الحذر واجبًا في كل الأحوال.

المراجع العلمية:

1. Kennedy, D. O., & Scholey, A. B. (2006). The psychopharmacology of European herbs with cognition-enhancing properties. Current Pharmaceutical Design, 12(35), 4613–4623.

2. Tisserand, R., & Young, R. (2014). Essential Oil Safety: A Guide for Health Care Professionals. Elsevier Health Sciences.